منشور

الافتتاحيّة

Teachers: Changing lives
The UNESCO Courier
October-December 2019
UNESCO
0000370977

«مهنة مستحيلة». بالنسبة لسيغموند فرويد، مهمّة التعليم، على غرار ممارسة السلطة أو التحليل، «لا يمكن أن تحرز القدر الكافي من النجاح*». وفعلا، من الصعب التوصّل في نفس الوقت إلى نقل المعارف، والتحكّم في الفصل الدراسي، وإيقاظ حب الاطلاع، وتعلم قواعد العيش معا، وتكوين مواطني المستقبل. وما يتّسم به الظرف، في كثير من الأحيان، من قلّة الإمكانيات واكتظاظ الصفوف من شأنه أن يزيد من صعوبة رفع هذا التحدي، بالإضافة إلى فقدان معنى المهام الأصلية للمهنة.

من المؤكد أن الجميع يعترف بالدور المحوري للمُدرسين. كلّ منّا قادر شخصيا على ذكر اسم استاذ تأثّر به لدرجة أنه غيّر أحيانا وجهة حياته بالكامل. وعلى المستوى الدولي، تقرّ أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، لا سيما منها الهدف الرابع، بأهميّة المعلّّمين في تنفيذ برنامج التنمية المستدامة في أفق 2030.

ورغم ذلك، فإن مهنة التعليم أصبحت تواجه صعوبات جراء تطور علوم الأعصاب المعرفية وتعدد التطبيقات التكنولوجية الحديثة في مجال التعليم، وهذا من شأنه أن يفرض على المهنة التكيّف وإعادة النظر في صيرورتها.

بعد أن كان المُدرّسون سابقا محلّ احترام وتثمين، أصبحوا اليوم محل انتقاد، لحد اعتبارهم أحيانا مسؤولين عن إخفاقات النظام التربوي. وقد تؤدي هذه النظرة السلبية، في بعض الحالات، إلى تعرضهم لردّات فعل ترهيبية أو حتى عنيفة من طرف التلاميذ وعائلاتهم.

وفعلا، أصبح انتداب معلّمين جدد أمرا صعبا. والعديد منهم يقررون الانسحاب بعد بضع سنوات من ممارسة المهنة. وقد بينت دراسة أُجريت سنة 2014 في الولايات المتحدة على عيّنة شملت 50.000 مُدرّس** أن أكثر من 41% منهم (في المستويين الابتدائي والثانوي على حد السواء) يُغادرون المهنة في غضون الخمس السنوات التي تلي انتدابهم في الوظيفة.

ومن العوامل التي تُثني الشباب عن تعاطي هذه المهنة، نذكر الرواتب الضعيفة، والتدرّج الوظيفي المحدود، والضغوطات القويّة التي يُمارسها المجتمع، وقلّة الامكانيات.

والحال أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يقتضي انتداب أكثر من 69 مليون مُعلّم في أفق 2030، من بينهم 48،6 مليون انتداب جديد لتعويض الذين يُغادرون المهنة. في الوقت الحاضر، تم تسجيل نقص حاد في عدد المُدرّسين في آسيا الجنوبية والغربية وكذلك في بلدان جنوب الصحراء الأفريقية.

كيف يُمكن، في مثل هذه الظروف، جذب جيل جديد من المدرّسين المفعَمين بالحماس؟ لذلك، تم اعتماد هذه المسألة كموضوع للدورة 2019 لليوم العالمي للمُعلّمين: «المُعلّمون الشبّان: مستقبل المهنة» (5 أكتوبر).

وإذا نظرنا إلى ما وراء الأرقام والإحصائيات والعناوين الكبرى للصحف المُفزعة، نجد أن هناك مُدرّسون احتفظوا بنفس درجة العزم، رغم الظروف الصعبة. مُعلمون يُواصلون تأمين الدروس رغم الفقر المدقع وشدة اكتظاظ الأقسام. مُعلمون يختارون الاعتناء بتلاميذ ذوي المسارات المضطربة، أو من المنقطعين عن النظام التربوي أو من الذين يعيشون في مناطق نائية. مُعلمون يعتبرون أن التدريس إنما هو التزام وكفاح يومي.

 هؤلاء هم المعلّمون الذين تُكرّمهم اليوم الرسالة.

فانسان ديفورني وأنياس باردون

 

*«التحليل بنهاية والتحليل دون نهاية»، 1937

**انغرسول، ر.، ماريل، ستوكاي، د. 2014. سيفن تراندس: ذي تراسفرمايشن أوف ذي تيتشنغ فورس. CPRE ريزارتش ريبورتز.

 

تنشر رسالة اليونسكو هذا الملف مساهمة منها في الاحتفال باليوم العالمي للمعلّمين، يوم 5 أكتوبر من كل سنة.

 

Teachers: Changing lives
UNESCO
October-December 2019
UNESCO
0000370977
订阅《信使》