مقال

جيل المهندس المعماري-التكنولوجي

من المنازل المصمّمة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، إلى ناطحات السّحاب جاهزة الصنع، مرورا باستخدام التوأم الرقمي، توفّر التكنولوجيا المتطوّرة عديد الحلول للبناء بأقلّ التّكاليف مع الحدّ من التأثير على البيئة.
...

سايلي ساوانت

صحفية في مومباي، الهند

1. التّصميم التّوليدي

يستخدم التصميم التوليدي، بمساعدة الذكاء الاصطناعي، خوارزميات قادرة على إنتاج العديد من المقترحات بالنسبة لنفس المشروع. وهي طريقة توفّر للمهندسين المعماريين إمكانية المقارنة السريعة بين عديد المشاريع من الناحية الجمالية والوظيفية. وبالتصرّف في بعض المعايير أو البرامترات، مثل استعمال الضوء الطبيعي أو التهوية أو نوع المواد المستخدمة، تستطيع هذه الخوارزميات توفير حلول أكثر استدامة في علاقة بمعايير هذه المشاريع. إنه أداة قيّمة للمهندسين المعماريين شرط أن يتوفّر لديهم ما يكفي من الخبرة حتى لا تتجاوزهم كثرة الإمكانيات التي يوفّرها الذكاء الاصطناعي.

2. الإضاءة الطبيعية وخوازمية التحكّم الديناميكي-الحراري

يمكن لاستراتيجية مدروسة بدقّة في مجال الإضاءة أن تقلّل على نحو كبير من استهلاك الكهرباء. وتوجد العديد من الأدوات والبرامج لمساعدة المهندسين المعماريين على تحسين الإضاءة الطبيعية مما يضمن للسكّان صحّة أوفر ويحدّ من ذروة الاستهلاك، خاصة في فصل الصّيف. إذ تُتيح فعلا عديد الوسائل الحصول على أفضل استغلال للضوء الطبيعي سواء باختيار موقع الجدران أو نوعية النوافذ…

3. الطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات

في ألكوبينداس بإسبانيا، أَحْدَثَ أوّل جسر للمُترجّلين، صُمّم بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد من قبل معهد الهندسة المعمارية المتقدمة في كاتالونيا، ضجّة كبيرة سنة 2017. فالأتمتة (الآلية) من شأنها أن تُوسّع نطاق الممكن من حيث المواد والجمالية والأشكال. ويمكن للمباني المصمّمة عن طريق الطباعة ثلاثية الأبعاد أن تكون في المتناول من حيث التكلفة، والمرونة، والقدرة على الصّمود أمام التغيّرات المناخية. حاليا، ما زالت هذه الطّريقة تعتمد على الخرسانة المحتوية على كمية كبيرة من الكربون. لكن في المستقبل القريب، قد تُوفّر الطباعة ثلاثية الأبعاد إمكانية التّخفيض من المواد المستخدمة بنسبة %40. كما يمكن لهذه التكنولوجيا أن تكون حلّا للنموّ الحضري. ففي سنة 2022، قامت الشركة الدنماركية باور2بويلد Power2Build بتشييد أكبر مبنى في أفريقيا مصمّم بطريقة الطباعة ثلاثية الأبعاد. كان ذلك في أنغولا حيث شيّد المبنى في 30 ساعة فقط، وهو عبارة عن بنية سكنية تبلغ مساحتها 140 م². 

4. تقليد الواقع بفضل التّوأم الرّقمي

التوأم الرّقمي هو نسخة مرئيّة ثلاثية الأبعاد لبنية ماديّة ما. وهو ما يتيح للمهندسين المعماريين الحصول على نموذج قابل للتطوّر واختبار أفكارهم في بيئة افتراضية. والتوأم الرّقمي قادر على مقارنة النّموذج الرّقمي بالبنية الحقيقية على مرّ الزّمن. كما تتيح هذه التكنولوجيا اختيار المواد والطّرق التي تقلّل من البصمة الكربونية للمبنى طوال دورة حياته. وحتى وإن كانت هذه التكنولوجيا تستهلك كميات كبيرة من الطّاقة، فهي تساعد، من جهة أخرى، على تقليل التأثير البيئي للمبنى على نحو محسوس. ولقد تمكّن مهندسون معماريون هولنديون من تقليل استهلاك الطّاقة في قصر بلدية لاهاي بنسبة %39 بفضل التوأم الرّقمي. 

5. البناء المعياري modulaire

يتيح "البناء بطريقة تجميع أجزاء مسبقة الصنع" " أو الوحدات النمطية، اختصار زمن البناء، وكذلك الحدّ من الاستهلاك المفرط للمواد. ويتمثّل في تصنيع أجزاء مكتملة كليًا أو جزئيًا في المصنع اعتمادا على النّمذجة. ويمكن لهذه العملية أن تتمّ بسرعة مُذهلة. ففي سنة 2015، تمّ، في مدينة تشانغشا بالصين، تشييد ناطحة سحاب مكونة من 57 طابقًا في 19 يومًا فقط بفضل تجميع كتل على عين المكان بطريقة أشبه بتجميع قطع عملاقة للعبة اللّيغو. هذا، ويطبّق البناء المعياري أيضًا على بُنًى أصغر من قبيل مدرسة مودسكول ModSkool في دلهي بالهند، والتي شُيّدت من مواد محلّية، وقد صمّمت بطريقة تسمح بتفكيكها بسرعة ونقلها في حالة حدوث فيضانات.

6. نمذجة معلومات البناء البيئية الجديدة BIM

نمذجة معلومات البناء (BIM (Building Information Modelling التي تم وضعها منذ سبعينيات القرن الماضي، هي مقاربة تهدف إلى إدارة المعطيات الرقمية، وتحسين جودة العمارة والبنية التّحتية، وتُوفّر هذه البرامج معلومات تمثيلاً رقميًا لخصائص بناية ما حيث تسمح لمهنّيي البناء بتقييم استدامة كلّ من المواد والتّصميم قبل إطلاق أي مشروع جديد. ولقد أدّت جهود المملكة المتحدة لتوحيد هذه النمذجة، سنة 2019، إلى إنشاء المعيار الدولي ISO 19650 الذي يشير إلى الحاجة إلى معايير صارمة على الصعيديْن المحلي والعالمي. كما يقترح هذا البرنامج وظائف "الإدارة الذكية". وهو الحال بالنسبة، مثلا، لمبنى إيدج في أمستردام، المعروف أيضًا باسم "أذكى مبنى في العالم"، بفضل تطبيقة متحرّكة تُتيح للمستعملين التفاعل معها لحجز مساحات للعمل أو مراقبة مستويات الإضاءة أو حتى تغيير درجة الحرارة في الفضاء الذي يوجدون فيه.

Future building
UNESCO
January-March 2024
0000388425
订阅《信使》

للاشتراك في الرّسالة