فكرة

سينامي كوفي أغبودجينو: "المدينة الأفريقية الحالية نتاج قطيعة مع الطبيعة"

سينامي كوفي أغبودجينو مهندس معماري وعالم أنثروبولوجيا توغولي. أنشأ موقع "الإفريقية للهندسة المعمارية" l’Africaine d’architecture وهي منصة بحث وتجارب مفتوحة للجميع، وذلك بهدف مساعدة السكان على التفكير وبناء المدينة الذكية والمستدامة التي يتوق إليها. وهو يدافع، من خلال مشاريعه، عن مدينة مستلهمة من المساكن الأفريقية التقليدية المتلائمة مع بيئتها والتي تستخدم الموارد المحلية.
منزل غبيبي Maison Gbébé

أجرت الحوار لاتيسيا كاسي،

اليونسكو

ما هي خصوصيات التّخطيط الحضري (أو العمراني) الأفريقي اليوم؟

ليست المدينة الأفريقية امتدادا للقرية، بل هي نتاج القطيعة مع الطبيعة. لقد شُيّدت المدن على النّموذج الغربي باستعمال الخرسانة والمعادن والزّجاج. وقد دأب العمّال، لفترة طويلة، على التوجّه إلى المدينة لكسب لقمة عيشهم قبل أن يعودوا في المساء إلى منازلهم في القرية للالتحاق بأسرهم وفضاءات عيشهم الجماعي والنظام البيئي للأحراش الذي تندمج فيه القرية.

في السنوات المقبلة، سيتضاعف عدد سكان المدن ثلاث مرات في أفريقيا. ولكي تصبح المدينة مكانًا للعيش أكثر سكينة وسلاما يجب أن تقيم من جديد ارتباطا بالطبيعة من خلال الاستلهام من المقاربات القديمة. فالبناءات التقليدية التي كان عليها التّعامل مع البيئة المباشرة كانت تقيم روابط أكثر عضوية مع الطبيعة.

لكي تصبح المدينة مكانًا للعيش أكثر سكينة وسلاما يجب أن تقيم من جديد ارتباطا بالطبيعة

 ولا يتعلّق الأمر بتقليد كاريكاتوري للهندسة المعمارية العامّيّة (المحلية) أو نسخ نموذج القرية. فالحلّ ليس في إعادة إنتاج القديم، بل في تعبئة الموارد المحلية مع الاعتماد على إسهامات التّكنولوجيا.

هل يمكن التّوفيق بين التّقاليد والتّكنولوجيات الجديدة؟

يمكن ذلك شرط أن يتمّ العمل مع فاعلين أفارقة يعيشون في أفريقيا. نحن نميل اليوم إلى الاستلهام من المدن الذّكية Smart cities التي تعتمد على التّقنيات المطوّرة في وادي السليكون في كاليفورنيا. لكن المهندسين الذين يعملون هناك لا يعرفون واقعنا.

لذا، أقترح إنشاء مختبرات للابتكار في القرى الأفريقية بناءً على نموذج أسمّيه "حظائر التعلّم الأوّلي enclos d’initiation" وهي عبارة عن مساحات مفتوحة تتدرّب فيها الأجيال الشابة على الأدوات الرّقمية والعمل التّشاركي. وهو ما يسمح لشباب من نفس البيئة من امتلاك الإشكاليات المعاصرة وبناء مدن أفريقية أكثر ملاءمة للنّاس وللبيئة.

ما هو تعريفك للمعمار المستدام؟

أعتقد أنّ هذا المفهوم متأثّر فوق اللّزوم بالرّؤية الحديثة والغربية. كثيرون من يخلطون بين مفاهيم "المستدام" و"الدائم" و"المتين" فالاستدامة لا تقتصر، فحسب، على استخدام المواد التي تصمد أمام اختبار الزّمن دون أن تتحلّل بل تتمثّل أيضا في إنجاز هندسة قابلة للتّجديد إلى ما لا نهاية.

تتمثّل الاستدامة في إنجاز هندسة قابلة للتّجديد إلى ما لا نهاية

فإذا ما نظرنا إلى مواد البناء التقليدية في إفريقيا، مثل الطّوب اللّبن (الطّين المضغوط)، من من جهة مقاومتها للزّمن فقط، فستظهر محدوديّتها. إذ ليس مفترضا أن يظلّ المنزل أو المسجد الطّيني قائمين إلى الأبد. ففي كلّ سنة، يجتمع السكّان ليعيدوا الطّلاء وذلك ما يوحّد، أيضا، المجتمعات القرويّة حيث توفّر مثل تلك اللّحظات فرصا لإقامة الأفراح والاحتفالات الكبرى، وتزيد من اللّحمة الاجتماعية للقرية.

لماذا أبديتم الحاجة إلى متابعة دراستكم في مجال الأنثروبولوجيا بالإضافة إلى دراستكم في اختصاص الهندسة المعمارية؟

إن الهندسة المعمارية إسقاط على الواقع لتصوّراتنا لمجتمع معيّن. فالمخيال الجماعي يعتقد أنّ القليل من الطّين والقشّ كافيان لتشييد بناية أفريقية، لكنّها رؤية تركّز فقط على المظاهر لأنّه إذا ما أردنا فهم الطريقة التي تنتظم بها الحياة داخل الأوساط السكنية يكون ضروريا معرفة بنية التنظيم الاجتماعي. وهو ما يدعو إلى أن تحتلّ الأنثروبولوجيا مكانة أكثر أهميّة في الدّراسات المعمارية، لأنّها تمكّن من مراعاة الحقائق على أرض الواقع وتجنّب العديد من الأخطاء والهفوات.

Future building
UNESCO
January-March 2024
0000388425
订阅《信使》

للاشتراك في الرّسالة